الأربعاء، 25 أبريل 2012

السيمفونية الإسلامية


تنافس عازفو الإسلام فيما بينهم .. كل يريد ان يكسب رضا الجمهور ، بل منهم من يريد إجبار الجمهور على اختياره .. صار العازفون في مسابقة..  لذلك فكل منهم يأتي بأعلى الآلات صوتا ويعزف من اعلى طبقة صوتية ممكنة  ربما يطغى صوت آلته على بقية الأصوات فيصبح عازفا منفردا وحيدا يحمل شرف عزف المقطوعة الإسلامية  وحده ... فماذا كانت النتيجة؟
أخرجت الفرقة الإسلامية للعزف الفكري والفقهي نشازا ... فماذا كان رد فعل الجمهور؟
فريق هلل وصفق لعازفه المفضل رغم أنه لا يستمع لعزفه وسط هذا النشاز ولكنه يكتفي بالتعصب له حتى وإن لم يعزف .. بل وتظاهر بعض العازفين بالعزف ووجدوا أيضا من هلل له فصار الكذب عندهم هو حق اليقين وصار من ينبههم إلى كذب العازفين عدوا لله ولرسوله .. وحتى أصحاب العزف الشجي ضاعت ألحانهم العذبة وسط بحر النشاز المترامي .. بل بعض الجمهور حاول إفساد آلات الآخرين حتى لا يستطيعوا العزف فينجح عازفوهم المفضلون في الفوز برضا الجمهور كله .. أما أصحاب الأذواق السليمة فقد انقسموا إلى فريقين : الأول فريق لم يفقد الأمل بعد وهو يحاول تنبيه العازفين كلهم إلى ضرورة الوحدة فيما بينهم ليتمكنوا جميعا من عزف مقطوعة شجية واحدة تتداخل الآلات الموسيقية فيها بتوافق وانسجام ( هارموني ) إلا أن هذا الفريق لم يسلم من محاولات الكيد له ورميه بشتى أنواع التهم .. اما الفريق الآخر من أصحاب الأذواق السليمة فقد انصرفوا عن النشاز وذهبوا إلى بفية الفرق الأخرى يلتمسون عندهم اللحن الشجي رغم ان بقية هذه الفرق لن تبلغ في ألحانها عظمة السيمفونية الإسلامية التي ينقصها فقط أن تجد العازفين المهرة القابلين للتعاون فيما بينهم .
وتبقى من الناس فريق أخير هو لم يحضر الحفل من البداية وهو السواد الأعظم وهذا الفريق سد أذنيه من زمن بعيد إذ أنه لا يجد طعاما ولا شرابا ولا سكنا ولا علاجا ولا كرامة ولا اهتماما فبالله عليكم كيف لهذا الفريق أن يستمع للموسيقى ويستمتع بها .. إن خالي البطن لا يبالي بمن يعزف له بل يصب اهتمامه كله لمن يمد له يده بلقمة العيش .. إنهم كغرقى تيتانيك الذين لم يكن عندهم فرصة لسماع العزف الرائع لفرقة السفينة المتفانية في عملها فمن يبحث عن منقذ لحياته بالتأكيد لن يجده ينقر على أوتار الكمان ... لذلك فإن هذا الفريق وهو الأغلبية مستعد أن يقبل أي يد خادعة توهمه بالشبع وبالروي والسكن والعلاج حتى وإن كانت يد الشيطان نفسه
أيها العازف السلفي : تقبل إخوانك من العازفين بلا شروط ولا تتمسك بعزف مقطوعة الفرقة الناجية لأن السفينة إن غرقت فستغرق بنا جميعا .
أيها العازف الإخواني : لا تغرنك أغلبية زائفة من الجمهور تصفق لك فهم سرعان ما سيكتشفون أن عزفك لم يجلب لهم إلى الأوهام
أيها العازف الليبرالي والعلماني : الإسلامي يجيد العزف مثلك فلا تظن ان عندك الصواب وحدك
أيها العازف المسيحي : لا تجعل عقدة الاضطهاد تمنعك من التعاون مع إخوانك .. فكلنا كنا مضطهدون في أوطاننا وأنت لا عيش لك بدون إخوانك إلا تابعا ذليلا لمن لا يعترف بدين وإلهه هو المصلحة الخاصة مهما كانت ضحاياه
أيها العازفون : من يرغب في تحقيق مصلحته الشخصية فليغادرنا فليس هناك مكان سوى لأعضاء الجسد الواحد الذين إذا اشتكى منهم عضو تداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمى .. أما إذا اعتقد الواحد منكم أنه وحده يمثل كل الأعضاء فليعش كاليد المبتورة لا حول لها ولا قوة .. تموت في حين أن صاحبها يتمتع بالحياة دونها بعد ان تخلص منها ومن امراضها.
إما نعزف السيمفونية جميعا أو سيهرب الجميع من المسرح .

الجمعة، 20 أبريل 2012

أيها السلفيون ... أفيقوا





قال تعالى (وَكَذَٰلِكَ مَا أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِى قَرۡيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَا إِنَّا وَجَدۡنَا آبَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّقۡتَدُونَ ) الزخرف – 23


الإسلام دين ثوري جاء يحطم الآلهة الزائفة سواء تلك الحجرية التي لا تحتاج إلى كثير من المقاومة حتى تقع وتتحطم من تلقاء نفسها وأخرى فكرية متجمدة تحتاج إلى معاول العقل والفكر والعلم كي تهدمها هدما تدريجيا بطيئا فهي لا تنهدم فجأة ولا تزول من العقل والواقع في عشية أو ضحاها فأصنام الجاهلية سرعان ما انهارت أمام نور الإسلام العقلاني الساطع أما صنم مثل العصبية القبلية كان من الصعب التغلب عليه فمكيدة يهودي كادت توقع بين الأوس والخزرج ورسول الله بين ظهرانيهم وعندما ظن الصحابة أنهم تخلصوا من هذا الصنم سرعان ما عاد بعد انتهاء عهد الخلافة الراشدة ولا أبالغ إذا قلت أنه لا يزال يعيش بيننا إلى الآن
كانت هذه المقدمة ضرورية كي أقول أننا رغم ديننا الثوري الذي ثار على الجهل فحطمه وعلى الظلم فدمره وعلى الكفر فأزاله إلا أننا لم نكتسب هذه الثورية منه فلقد عاب القرآن على كل من قلد آباءه الذين عندما يقال لهم اتبعوا الحق قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون
فهذا هو حال نفس الفئة التي تعيش بين ظهرانينا وترى أنها الفرقة الناجية والوكيلة الوحيدة حصريا لهذا الدين والتي باتت توزع على المسلمين صكوك التقوى وصكوك الاتهامات كما يحلو لعقول متبعيها
فهذا تقي – وربما كان ذلك الحكم للحيته الطويلة وجلبابه الأبيض – وهذا مشرك كافر مبتدع جاهل وغيرها من الاتهامات المعلبة – وربما كان ذلك الحكم لأنه يرى أمرا يخالف ما يرونه
وإن أشرت لهم على الحق قالوا :إنما نتبع علماء السلف ( آباؤهم الذين وجدوهم على أمة وهم على آثارهم مقتدون )0
ثم يحيطون رقبتك بحبل المشنقة  الذي لن تستطيع الفكاك منه في ظنهم بأن يقولوا :نحن لا نأتي بالحكم من عندياتنا وإنما هو حكم الله ورسوله والصحابة الكرام
وكثير ما ينعقد لسان الناقد لهم أمام هذا التهديد فخلافه معهم لا يكون معهم ولكنه خلاف مع الله ورسوله وصحابته الكرام
ولكننا إذا تحرينا الدقة وجدنا أن قولتهم هذه لا أساس لها من الصحة وإنما هم فقط يأتون بآية قرآنية أو حديث نبوي ثم لا يحكموا به ولكنهم يحكموا بقول أحد علماء السلف في فهمه لهذه الأية او هذا الحديث وبهذا لا يكون الناقد لهم مناقض لله ورسوله والصحابة الكرام وإنما يكون مختلفا مع عالم من علماء السلف ممن يؤخذ منهم ويرد عليهم متناسين أنه قد حكم حكمه متأثرا بظروف زمانه والمكان الذي وجد فيه حكم حكمه في ظروف مغايرة لظروف عصرنا
فيا سادة انتبهوا إن الحق لا يعرف بالرجال وإنما يعرف الرجال بالحق والقداسة التي تصبغون بها علماء السلف – مع احترامي الشديد لهم وتقديري لمكانتهم جزاهم الله عن الأمة خير الجزاء- إنما هي قداسة تجعلكم تضعونهم في مرتبة هم أنفسهم لا يرضون عنها فتجعلون كلامهم حاكما على كتاب الله وسنة رسوله واعلموا أن مقولة علماء السلف هي واحد من ثلاث
إما صواب
وإما خطأ
وإما صواب في زمانهم لا يناسب زماننا
ولكنكم آثرتم الهروب من زمانكم بل وحكمتم على الرجال بمكانتهم وأشكالهم متخذين من حجة المشركين في رفض القرآن حجة لرفض المخالف لكم فقد قالوا (وَقَالُوا لَوۡ لَا نُزِّلَ هَذَا الۡقُرۡآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ الۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيم ) الزخرف 31
وقلتم ( لولا نزل هذا الراي على رجل من السلف قديم )0
وانبطحتم أمام شيوخ قادرين على اللعب بالالفاظ وإثارة المشاعر واللعب على العاطفة يسوقونكم كما يشاءون فتارة يثورون في وجه الثوار على الظلم محرمين الخروج على الحاكم فتذهبون معهم وتارة يخلعون هذا القناع ليباركوا الثورة بعد نجاحها ربما يحجزون في المقاعد الأمامية مكانا فتذهبون معهم وكأنكم لا تقرأون قوله تعالى (وَنَادَى فِرۡعَوۡنُ فِى قَوۡمِهِ قَالَ يَاقَوۡمِ أَلَيۡسَ لِى مُلۡكُ مِصۡرَ وَهَذِهِ الۡأَنۡهَارُ تَجۡرِى مِن تَحۡتِى أَفَلَا تُبۡصِرُونَ أَمۡ أَنَا خَيۡرٌ مِّنۡ هَذَا الَّذِى هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوۡ لَا أُلۡقِىَ عَلَيۡهِ أَسۡوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوۡ جَآءَ مَعَهُ الۡمَلَآئِكَةُ مُقۡتَرِنِينَ فَاسۡتَخَفَّ قَوۡمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمۡ كَانُوا قَوۡمًا فَاسِقِينَ )0
فلا تسمحوا لأحد أن يستخفكم حتى تطيعوه واعلموا أن الفيصل في أية مسألة هو كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفسيرهما والرأي فيهما

الخميس، 28 يوليو 2011

بعبع الحكم الإسلامي




ما إن انتهت الثورة حتى بدأ كل فصيل يفكر في مصلحته الفكرية الخاصة واكتشفت أن النظام السابق قد نجح في شق الصفوف لا لمهارة فيه ولكن لاستعداد فطري عند فصائل المجتمع للفرقة فكل فصيل يرى المشهد يتمحور حوله ولا يتخيل أن يكون في المشهد معه مخالف له واختصرنا المشهد في صراع بين دعاة إسلامية ... إسلامية لا مدنية ولا ديمقراطية وبين دعاة فصل الدين عن السياسة ولولا ما تبقى من العقلاء لأصبحت فتنة تأكل كل مكسب تم تحقيقه في الشهور الأخيرة
بالطبع لا يتمنى المسلم أكثر من أن يعيش في مجتمع ملتزم بالقيم الإسلامية يمثل الإسلام فيه الأساس الذي ينبني عليه بنيان المجتمع بأسره يتمنى ذلك كل مسلم دون أن يسال نفسه وهل هو أهل لأن ينعم الله عليه بهذه النعمة وبالطبع يغتر البعض بلحاهم وبآلاف المريدين حولهم والذين تحولوا إلى مسوخ بشرية لا عقل لها تقاد كما تقاد البهيمة إلى الذبح فيقول هؤلاء المغرورون نعم نحن أحق بها وأهلها ولكن الحقيقة انهم أنفسهم هم الذين أعطوا الحبل لمنتقديهم كي يلفوه حول رقابهم ورقاب أفكارهم الميتة المميتة
 لذلك وجدنا من أبناء الإسلام أنفسهم من يرفض أن يعيش المجتمع تحت حكم إسلامي فسارع إليه من عينوا أنفسهم نواب عن الله في أرضه ليقذفوه بالكفر والعلمانية والعمل ضد دين الله ظنا منهم أن العيب فيه لا فيهم ولم يفكروا للحظات ما الذي دفع مسلما موحدا كي يرفض حكمهم الإسلامي – بالطبع أعلم أن بعض الرافضين هم تربية الغرب ومريديه – لكن هل وجد الذي تربى على يد الغرب ما يغريه في نبذ الأفكار التي تعلمها على يد صانعيه كي يعتنق أفكارا أخرى تبدو أرقى وأعظم
هو وجد في بضائع الغرب ما يعلي من قيمة الإنسان وحريته وضرورة الثورة على الظلم والمحافظة على حقوق الإنسان ووجد عندكم بضاعة مزجاة لا يقبلها إلا ذوي الأذواق السقيمة فوجد عندكم الشورى غير ملزمة للحاكم ووجد الثورة ضد الظالم حراما لا يجوز ووجد أنوفكم تندس في أدق تفاصيل حياته حتى لا يبقى لحريته مكان
إنه عندما فكر في الحكم الإسلامي وجد انطباعا بأنه يتصف بالآتي:
التعالي على الآخرين فهم المتقون الملتزمون أصحاب اللحى والبقية عصاة يحتاجون للسادة كي يهدوهم
اعتبار كل علاقة بامرأة هي علاقة آثمة لا تجوز وينتظر أن يرى في ظل حكمكم شرطة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتدخل في أخص خصوصياته وتستبيح حياته
وجدكم لا تدرون عن عصركم شيئا تريدون أن تعيشوا حياة الأقدمين حتى وإن تغيرت الظروف
وجد تجارب معاصرة فاشلة للحكم الإسلامي فوجد في أفغانستان سجنا كبيرا وفي السعودية عائلة ظالمة تجعل من الشيوخ لعبة في أياديها يحللون ويحرمون لها ووجد في إيران من يحكم برأيه وينسب رأيه لله فهو المعصوم الذي لا يخطئ ووجد في السودان من يجلد النساء لارتدائهن البنطال ثم لا يتورع عن سرقة شعبه أو حتى التضحية بجزء من ديار الإسلام فيقسمها إلى شمال وجنوب
وجد في حكمكم ظلما للنساء فهن الجواري القابعات في الخدور ينتظرن الفحول في الفرش لا عقل لديهن ولا روح ولا علم ولا حياة إلا جسد عليها أن تزينه طوال اليوم كي ترضي فحلها
وجدكم مولعين بالقطع والجلد والرجم دون التفكير في كيفية إبعاد الناس عن هذه العقوبات وكأنكم ستقتربون من الله بعدد الأيادي المقطوعة والظهور الممزقة والجثث المرجومة رغم أن رسولنا الكريم ولنا فيه الأسوة الحسنة كان أبعد الناس عن تطبيق الحد كلما أمكن
وجد لسانكم لا يجيد إلا كلمة حرام فتختارون من الآراء أصعبها ومن الأحكام أعسرها
وجدكم تواقين لظلم غير المسلمين في بلادكم فهم المواطنون في الدرجة العاشرة الكفار الذين لولا الوصية بهم لتخلصنا منهم الذين يجب أن يعيشوا راضين بالفتات الساقط لهم من موائد أسيادهم
وجدكم لا تقدرون الفن فهو بالنسبة لكم عفن يسري في بدن الأمة وبالنسبة لهم صانع الحضارات ومحرك الوعي والإدراك فوجد عندكم الموسيقى حراما والنحت أصناما والسينما خطرا عظيما والرواية فنا شهوانيا بذيئا
وجدكم تملون سريعا من أي معارض فهو عندكم إما كافر أو فاسق أو جاهل إلى آخر هذه التهم الجاهزة التي تعلبونها محفوظة لتخرجوها وقت الحاجة
وجدكم تسعون للتصادم مع الغرب فهم الكفار فهذا هو الشرق الملحد وذلك الغرب الصليبي المتآمر جميعه عليكم بل وحمدتم الله أن الله سخرهم لكم كي يصنعوا التكنولوجيا الحديثة كي تتفرغوا أنتم لعبادة الله فبئس القوم أنتم
وجدكم لا تعترفون بحرية الرأي تصادرون ما يخالفكم وإن لم تقدروا على مصادرته احطتموه بتهم الكفر والإلحاد والدعوة إلى المجون كي ينفر منه الناس الذين استعبدتموهم بخوفهم من النار وكأنكم ملكتم زمامها وأوقفتم حراسكم على أبوابها
وجدكم تسعون إلى حب الانتقام لا السعي نحو الخير للناس الخاطئين وقارنوا بينكم وأنتم تهاجمون بيوت الدعارة وتفضحوا أهلها وتلقونهم في الشارع ليزدادوا إثما وبين رجب الطيب أردوغان الذي واجه هذا الأمر في بلاده تركيا بأن بحث حالاتهم ووفر لهم العمل الشريف فأقلعوا عن فسقهم
والخلاصة يا سادة أنكم لم تقدموا مثلا يحتذى كي يسعى الناس خلفكم لتطبيق الحكم الإسلامي وهذا كله وأنتم خارج منصة الحكم فكيف بكم إن ملكتم المقاليد وصار السيف والسوط بأيديكم
إن الحكم الإسلامي أسمى كثيرا مما تدعون إليه فهو الكمال المطلق والعدل في أسمى صوره فالحكم الإسلامي هو الذي يحافظ على حقوق غير المسلمين قدر محافظته على حقوق المسلمين
وهو الذي يرغم حاكمه على الشورى التي هي الديمقراطية التي كفرتم الداعين لها
وهو الضامن لحرية كل فرد من المحكومين به
والحكم الإسلامي هو الذي يميز بين ما هو شخصي لا حق له في التدخل فيه كالحجاب والصلاة في المسجد وبين ما هو جماعي كالاختلاس وتجارة المخدرات فيكون له الحكم فيه
الحكم الإسلامي هو التفريق بين حكم الحاكم الذي يصيب ويخطئ وبين حكم الله فلا يخلط بينهما ولا يدعي قداسة لحاكم أو عالم أو شيخ
الحكم الغسلامي ليس به طبقة الشيوخ الذين لابد أن ينظروا في كل حكم أو قرار ليباركوه سواء علموه أو جهلوه
الحكم الإسلامي يعطي المراة مكانتها كشريك للرجل لا تابع له ويعلي قيمة الفن ويسعى لإنقاذ الناس والرقي بهم ويتسع صدره للخلاف ويقيم علائق الخير والحب مع الغرب المسالم ويستطيع الدفاع عن وطنه ضد المعادي
هذا هو الحكم الإسلامي فانظروا أين أنتم منه لتعلموا أنكم على نقيضه وأن ما تدعون إليه هو حكم غير إسلامي وتذكروا أن من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون والظالمون والفاسقون 

الخميس، 14 يوليو 2011

رجل + امرأة = ........... أكمل


"وجهلة العباد يستمسكون بالدين استمساكا شديدا ، ويتعصبون له تعصبا ظاهرا ، ولكنهم في ساعة رعونة وغباء يقفون منه الموقف الذي يلحق به الأذى والمعرة ، ويجر عليه المتاعب الجمة ، أما أولو العلم فإن بصيرتهم الذكية تحكم مسلكهم وتلهمهم الرشد .. ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "فقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد".. 
مقولة للشيخ محمد الغزالي
لم يظهر مصطلح الاختلاط في الفقه الإسلامي إلا مؤخرا عندما بدأت الدعوة إلى تحرير المرأة ونزولها إلى معترك الحياة تساهم في بناء المجتمع وتقتنص دورها من بين أنياب الرجل فهال الأمر بعضا من رجال الدين الذين غلبوا العادات والتقاليد على كتاب الله ومراده والذين تحكمت فيهم سمات الرجل الشرقي فذهبت بقدرتهم على تحليل الأمور وغلبت فيهم عقلانية الدين وحتى يبيتوا مستريحي الضمائر جعلوا قيودهم على المرأة نصوصا دينية فقاموا بلي أعناق النصوص كي تتواءم مع رغباتهم وأفكارهم
وهنا لابد من أن نرسي دعائم قاعدة هامة ألا وهي أن خدمة دين الله والحرص عليه يكون في الوقوف على حدود الله كما أنزلها لأن هناك من يعتقد أت التحريم أولى من التحليل وأن الله لن يغضب علينا إذا حرمنا الحلال ولكنه يلعننا إذا حللنا الحرام لا يقولونها بألسنتهم وإن صدق ذلك فعلهم
ولننظر الآن في القضية موضع البحث فالاختلاط كلمة اكتسبت معاني سيئة في الأذهان حيث أصبحت مرادفا لنزول المرأة إلى الشوارع وإلى العمل تزاحم الرجال ويزاحمونها تلقي بالنكات بينهم وتتعرف بهم فتفقد حياءها وأنوثتها وتصبح أقرب للوقوع في الرذيلة والفحشاء
هكذا جعلوا النتيجة الحتمية لنزول المرأة إلى معترك الحياة وكل من تربى على ذلك رالتفسير للاختلاط يكون الأمر له مرنرطقيا إذا سمع من يحرم هذا الاختلاط الذي سيؤدي بالضرورة إلى فقدان الحياء والسقوط في هوة الرذيلة والفحشاء
ولأن المقدمات خاطئة كان لابد أن تؤدي إلى نتائج خاطئة فإننا يجب أن نعرف الاختلاط على أنه ممارسة المرأة لدورها المجتمعي في الحياة والذي يشترك فيه معها الرجل فإن نظرنا القاصر قد جعل جل دور المرأة يقتصر على بيتها حيث تربي وتنظف البيت وتتجمل منتظرة رجلها كي يأتي آخر الليل منهكا فيكون دورها الترفيه عنه وتخفيف الضغوط عليه متناسين أنها لها دورها في بناء المجتمع والمساهمة في نهضة الأمة سواء بعمل تحصل منه أجرا أو بتطوع تؤدي فيه دورها تجاه أمتها ولا حاجة لي – لولا عقول تحترف سوء الظن – أن أقول أن دور المرأة في بيتها دور مقدس له الأهمية الكبرى في حياتها وأن خدمتها لمجتمعها وأمتها لا يجب أن تدفعها للتقصير في واجبها الأهم تجاه بيتها
فلماذا نحرم الأمة من امرأة مبدعة متفوقة تستطيع أن تحسن العمل وتتقنه أفضل من كثير من الرجال فعدل الله يقتضي اختيار الأكفأ والأنسب للعمل سواء كان رجلا أو امرأة
إن الاختلاط كلمة عامة لا يمكن أن نحكم عليها بالحل والحرمة دون أن نكمل بقية أركان الصورة تماما كتجارة العنب لا يمكن أن نحكم عليها بالحل والحرمة دون أن نعلم إلى من سيبيع التاجر بضاعته هل لآكل فتكون حلال أم لصانع خمر فتكون حراما فإن امرأة  اختلطت بالرجال وهي محافظة على أخلاقها وحيائها تعمل يدا بيد مع الرجال وتساهم في بناء أمتها دون أن يؤثر ذلك على بيتها وتربيتها لأولادها فقد اكتملت الصورة المشرفة للمرأة المسلمة وإن اختلطت بالرجال تداعبهم ويداعبونهت تغريهم بالنظرات السارحة والكلمات الخاضعة ويغرونها بالكلام المعسول فقد اكتملت الصوررة المهينة التي لا تليق بامرأة مسلمة
ويجب أن نعلم أن حبس المرأة لا يعني بالضرورة منعها من الوقوع في الخطأ  وكلنا يعلم حال نساء في بعض الدول الإسلامية تم حبسهن فازددن جرما وفحشا فالمراة الساقطة لا تنتظر أن تختلط بالرجال لتسقط ولكنها قد تدعوهم إلى مخدعها المحبوسة فيه والأخبار في ذلك كثيرة ومتواترة أما التقية النقية فهي التي تصنع الحواجز حولها ولو اجتمع إليها ألف رجل ولا يقول قائل : إنهم قد يؤثرون على أخلاقها باقترابهم منها وإصرارهم على إفسادها لأنني والحمد لله لا أقول هذا الكلام في عصر قاسم أمين حيث أباح الاختلاط في سابقة هي الأولى في عصره فلم يكن متكئا على تجربة سابقة يدلل بها على صحة موقفه فهو كان لا يزال يقترح أمرا ربما يسهل التشكيك فيه لعدم حدوثه قبلا أما في حالتي فالتجربة قد نضجت وصرنا في اختلاط دائم منذ عشرات السنوات وكلنا نرى الصنفين صنفا أغلب وهو صنف المراة التي اختلطت محافظة على شرفها وحيائها وصنفا أقل وهو صنف الساقطة التي كانت ستسقط سواء كانت وسط الرجال أو مبعدة عنهم ولكننا لا نريد أن نصدق ذلك فقد تربينا على أن المحرك الأول للعلاقة بين الرجل والمرأة هو الجنس وأن ما من رجل يتعامل مع امرأة إلا والجنس هو محور تعامله معها حتى فوجئت بفتوى سعودية غريبة تحرم على المراة التعامل مع الإنترنت دون محرم لأنها كما أدعى صاحب الفتوى قد فطرت على الشهوة وأن طبيعتها هي العهر لذلك لابد من وجود محرم بجوارها يمنعها من استخدام في إشباع شهواتها وعهرها
والسؤال هنا وهل تأمن أيها المفتي أن تتزوج من ذلك الجنس الذي تحرقه الشهوة والعهر الذي يحتاج إلى حراسة دائمة حتى لا يقع في حبال هذه الشهوة
إن هذا الفرض خاطئ من أساسه فالجنس ليس محور الحياة ولكنه أحد أدواته إما استطعنا أن نتحكم فيه بالإيمان والتقوى والتربية الصالحة وإما تركناه يتحكم فينا والزمام في ذلك بأيدينا ولن يفلت هذا الزمام منا إذا تعامل الجنسان معا في حدود الاخلاق والتقوى
ولنا في رسول الله وصحابته الأسوة الحسنة فنراهم يعتمدون على النساء في الحروب في مداواة الجرحى – وهل يداوي الجريح إلا مختلطة به – ونراهن يملأن مسجد رسول الله في الصلوات ويكثرن حتى يخصص لهن بابا بل ويصلون خلف الرجال بلا ساتر ولا حاجز وينزلن إلى الصلوات الخمس جميعها حتى يملأن الطرقات ونجد منهن من تقف في مسجد رسول الله لتناقشه وتجادله وتسأله وسط جمع من الر جال فيجيبها ولا ينهاها ونجد منهم المحاربات والطبيبات والتاجرات بل والعالمات وما أكثر من نجد في بطون كتب التراث من يأخذ العلم عن النساء حتى نجد للإمام السيوطي مثلا عشرات الشيوخ من النساء اللائي أخذ عنهن العلم ولأن المرأة كانت في هذا العصرر تقوم بواجبها تجاه أمتها تقدمت الأمة وسادت وصارت القوة الأولى في العالم أجمعغ أما عندما اخترعنا الحرملك وسجنا النساء في البيوت وجعلناها مجرد وعاء يفرغ فيه الررجل شهوته وعينا الحارس الخصي على حجرات النساء من وقتها والأمة في انحدار حتى وصلت إلى ما وصلت إليه
إننا لا يمكن أن نعود إلى مكانتنا الأولى ونحن لا نزال نحاول بعض المتصلبين الغائبين عن الوعي والعصر بإمكانية قيادة المراة السيارة في حين أنها في بلاد تقدمت وأذلتنا تقود معامل العلوم وتجري التجارب في المختبرات بل وتقود الجيوش وتصنع الانتصارات
ويا كل متصلب غائب عن الوعي ليست هذه دغوة للانحلال والفجور وليت هذه دعوة للمرأة كي تسقط في الفحشاء والرذيلة فهذه كلها أوهام في رأسك الفخارية التي تنتظر طرقة خفيفة من مطرقة الحق كي تنكسر ولكنها دعوة أولا للمرأة كي تحافظ على حيائها وأنوثتها ثم هي دعوة ثانية لها كي تقوم بواجبها وتساهم في نهضة أمتها
واعلم أيها المتصلب الغائب عن الوعي أن المرأة الصالحة ليست تلك التي نمنعها عن الرذيلة بالحراس والأبوةاب والحواجز فنجعلها مشتاقة لأن تحطم كل هذه الموانع لتقع راضية في الرذيلة ولكن المرأة الصالحة هي التي تحافظ على حيائها وصلاحها وسط كل المغريات خصوصا أن الحراس والأبواب والحواجز لن تمنع الساقطة من السقوط وأن الاختلاط لن يدفع الصالحة للفاحشة
وكفانا عدم ثقة في أنفسنا وفي نسائنا فنحن بهذا الوسواس القهري كأننا نقول عن أنفسنا أن نساءنا ساقطات فاحشات ينتظرن الفرصة للسقوط وأننا يقظون لمكرهن كي نمنعهن عنه
إن سيل الحق أتى فإما أن تجهزوا سفن العمل والنهضة لتسيروا معه بل فوقه أو أن تتحجروا مكانكم فتغرقوا في قعره
إن سيل الحق أتى فإما أن تجهزوا سفن العمل والنهضة لتسيروا معه بل فوقه أو أن تتحجروا مكانكم فتغرقوا في قعره

الجمعة، 6 مايو 2011

الإنسان

مررت بجوار حديقة عامة يبدو كأن الفقر قد زرع فيها أشجاره الذابلة وسط ما تبقى من حشائشها الصفراء التي تبدو كجنود الشيطان الزاحفة على جثث الجمال والذوق فبدت الحديقة كامرأة عجوز ينسحب الجمال من وجهها وإن تركت أصابعه بعض بصماتها القليلة على صاحبة الوجه
وفي إحدى جوانب الحديقة لمحت تلك الأسرة التي نالها حظها من الفقر الذي نال الحديقة من حولها
جلس الأب بجانب الأم وبجانبهما ابنتهما التي لم تقطف سوى زهرتين من أزهار عمرها .... ربما لم يجد الرجل ما يضيف به حلاوة إلى فم ابنته لضيق اليد فاكتفى أن يزرع حلوى قبلة على وجنتيها واكتفت الأم بأن تربت على كتفه المتهدل من التعب بنظرة رضا تعلن تقديرها لجهوده  المضنية في أن يقيم بالكاد صلب هذه الأسرة في عالم يغرز أنيابه في قلب الجميع
ملأت ضحكاتهم الأجواء وفجأة تحرك الأب من مكانه وانحنى ليرتكز على أطرافه الأربعة ثم تعاونه الأم في وضع ابنته على ظهره ونشبت الابنة يديها الصغيرتين في كتف أبيها بقوة لا تتناسب ورقتها وكأنها تستمد منه الأمان حيث تتمسك بجذع شجرة قوي وسط تيار شديد قد يجرفها إلى شلال سحيق الهوة
بدأ الأب يسير بها على أطرافه الأربعة والابنة تنشر ضحكاتها وكأنها تعيد للحديقة معناها
توقف سيل أنهار أفكاري أمام هذا المشهد البديع فما عدت أفكر في كيفية التغلب في الصراع الفكري على السلفية وما عدت أعبأ بأخطار الثورة المضادة وما عدت مهتما بالقضايا الفكرية الكبرى وإنما وقفت أنهل من تلك البراءة لأروي قلبي الذي هده الظمأ لشربة براءة واحدة لا أظمأ بعدها أبدا في صحراء الكذب والنفاق والصراع التي نعيش فيها
تلك الصحراء القاحلة التي كانت في الماضي واحة وارفة الظلال والتي بأيدينا أخذنا نسقي زروعها المقدسة بسموم الصراع والنفاق والتي ثارت عليها عواصف الحقد وأعاصير التعصب وفيضانات التنطع والجمود لتترك الواحة صحراء تشتاق إلى هذه البراءة
وهنا أدركت الحقيقة التي لم أجدها عند شيوخ الجمود والظلام ولا عند فلاسفة الفكر المتهاوي ولا أدباء التحذلق
وهتفت
وجدتها ... وجدتها
ألهمتني تلك الطفلة الفيلسوفة وألهمني ذلك الأب التقي النقي وألهمتني تلك الأم المفكرة السامية وعلمت أن الصراع  يجب أن ينحصر بين الخير والشر وعلمت أن مهمتي الأولى هي أن أسعى جاهدا كي أزرع الحب فهو العصا السحرية التي أحالت هذه الحديقة العجوز إلى جنة فيها ما لا رأت عيوني وما لا سمعت آذاني وما لم يخطر على قلبي
أيها البشر حان الوقت كي نرى الخير واقعا حان الوقت كي نعرف أننا ما جئنا في هذه الدنيا وما حملنا راية الاستخلاف فيها إلا كي نخلق كون الحب والخير فهل نكف عن الإفساد وسفك الدماء ونشر الكراهية
هل حان الوقت كي نعرف معنى تلك الكلمة التي ظلمناها بالانتساب إليها
كلمة الإنسان
هيا كي نستحق لقب ..... إنسان

الأحد، 24 أبريل 2011

كذا لون: الفقه الجنسي

الفقه الجنسي


نزل الإسلام في أرض الشرق كي يشع نوره إلى العالم بأسره ولكن رجل الشرق أبى إلا أن يصبغ الإسلام بصبغته الشرقية لا الصبغة الشرعية متناسيا قوله تعالى ( ومن أحسن من الله صبغة ) فجعل عاداته وتقاليده حاكمة على شرع الله بل ألبس هذا الشرع زي العادات والتقاليد كي يكسبها قداسة تجعلها غير قابلة للنقاش مسلطا سيف التكفير والتجهيل ضد كل من ينتقدها أو يجرؤ على إعلان اختلافه معها.
ولأن الرجل الشرقي يتميز بأنه غيور يقدس المرأة إلى درجة أنه يحولها إله لا يكتسب قدسيته إلا إذا تم حبسه في صندوق من العادات والتقاليد التي تحولت مع الوقت إلى فتاوى وثوابت إسلامية من يفكر فقط في الاقتراب منها يضع رقبته تحت مقصلة التكفير.
وإلا فبماذا نفسر وضع الحجاب ثم النقاب في منزلة أعلى بكثير مما يستحقها – وبحسن الظن بي لا تعتقد أني أنكر فرضية الحجاب وأهميته – ولكن الأمر وصل إلى أن أصبح الحجاب هو محور حديث الشيوخ والدعاة على اختلاف انتماءاتهم وأصبح هو الرمز الذي يفرق به الناس بين المهذبة والمستهترة حتى صار الشكل أهم من الجوهر وبات الحجاب نهرا يغسل عن الضمائر أدرانها فلا تشعر النفوس بهذه الأدران التي لم تمح ولكنها توارت فقط خلف قطعة القماش تلك وظنت صويحباتها أنهن ملائكة فوق مستوى البشر وهن في الحقيقة غارقات في الطين إلى آذانهن ونسوا المبشرة بالنار التي كانت تصلي وتصوم وتقوم الليل وتؤذي جيرانها.
وبهذه النظرة خرجت علينا أعاجيب الفتاوى فظهر علينا من يحرم الاختلاط بين الرجال والنساء ومن يزعم أن صوت المرأة عورة وأن صلاة البيت خير للمرأة من صلاتها في المسجد أو من يحرم عمل المرأة تحت دعوى ( وقرن في بيوتكن ) على غرار ( ولا تقربوا الصلاة ) أو من يحرم الألوان الفاتحة فب الملابس أو من يجعل مصافحة المرأة أشد من الضرب في الرأس بمخيط من حديد بل وغرقنا في نمص الحواجب وتشقيرها ونوع الزينة التي للمرأة أن تبديها بل والله سمعت من حرم على المرأة لبس العباءة لأنها تبرج.
كل ذلك وغيره نتج بسبب التفسير الجنسي للإسلام الذي يجعل الشهوة والإثارة هي المنطلق نحو الفتيا تحليلا وتحريما وإن لم يكن هذا هو السبب فما السر في أن أول إتهام لمن ينكر ذلك العيب في رجولته ونخوته فالأولى اتهامه في إسلامه لا رجولته إن كان الدين هو الباعث على ذلك حتى وقع الكثيرون في خطأ التطرف في التحديد فظن البعض أن الإسلام لا يعرف الحل الوسط رغم أنه دين الوسطية وظنوا أن كل فعل إما حلال وإما حرام متناسين أن هناك منتطقة بينهما نستطيع أن نسميها النصيحة فالأمر ليس بهذا القطع الذي يصورونه فمثلا عندما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما اجتمع رجل وامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ) يتحرك التفسير الجنسي في عقل المفتي ليقول الخلوة حرام في حين أن الأمر لا يعدو النصيحة التي تنصح الرجل والمرأة بعدم الخلوة حيث أن الخلوة في حد ذاتها لا تمثل حراما وإنما ما قد ينتج عنها هو الحرام ومع تطور الأمر وصلنا إلى فتاوى غريبة من قبيل حرمة جلوس المرأة على الانترنت دون محرم لأنها طبعت على العهر وأن طبيعتها تميل إلى الشهوة ومن قبيل القول بإرضاع المرأة لزميلها في العمل وغيرها من الفتاوى المبنية على التوجس الجنسي وعلى اعتبار أن المرأة كائن يحتسي الجنس ليل نهار وأنها مخلوق عقله في أعضائه الجنسية.
إننا يجب أن نقف عند حدود الله لا نتعداها ولا يجب أن نظن أن تحليل الحرام جريمة أشد من تحريم الحلال فكلاهما جريمة وليس الورع بكثرة التحريم وإنما الورع أن تكون وقافا عند حدود الله حريصا عليها تحلل ما أحل وتحرم ما حرم دون أن تدع للأهواء منبر الألوهية لتعتليه فتشرع ويصبح إلهنا هوانا .
وأخير على من يشك في نواياي من وراء هذا الموضوع أن يعاملني بحسن الظن فوالله ما هو أخوف على الإسلام مني .